يوم حافل في «دانُوا 2025»

أثبتت «دانُوا 2025» في منطقة الابتكار الدولية الإيرانية (IIID) أن الإبداع لا يرتبط بالعمر؛ فمن تلاميذ الصف الخامس إلى طلاب الصف الحادي عشر، قدّم المشاركون مشاريع أدهشت لجنة التحكيم بعمقها ومستواها، وذهبت في كثير من الأحيان إلى ما هو أبعد من الأعمال المدرسية التقليدية لتتصل مباشرة بمستقبل التكنولوجيا في البلاد.

لم تكن «دانُوا 2025» هذا العام مجرد منافسة، بل عرضاً واسع النطاق لمستقبل يصنعه طلاب المدارس في إيران بأيديهم. فقد امتلأت قاعة المنافسات بمشاريع قد تبدو بسيطة للوهلة الأولى، غير أن وراء كل مشروع منها شهوراً من الجهد والبحث والتصميم والتحقق العلمي.

وشارك في الفعالية طلاب من الصف الخامس حتى الصف الحادي عشر بمشاريع شملت المنازل الذكية وإدارة الطاقة، والتقنيات البيئية والنظيفة، وأنظمة الأمن السيبراني المتقدمة، مقدّمين صورة واضحة عن جيل جديد من المخترعين الشباب.

مكنسة كهربائية ذكية بنظام «سلاسل دبابات»

من أبرز المشاريع مكنسة كهربائية ذكية من تصميم طالبين في الصف الثامن. ورغم مظهرها البسيط، تميز الجهاز باختلافات هندسية مهمة مقارنة بالنماذج الأجنبية؛ إذ اعتمد على نظام حركة بسلاسل شبيهة بالرمل، يصفه الطالبان بأنه «نظام دبابة»، ما سمح للمكنسة بالتحرك على السجاد من دون أن تعلق.

وتضمّن النموذج الأولي أيضاً نظام استشعار للعوائق، ووظيفة إيقاف تلقائي، وإمكانية التحكم عبر برنامج مخصص. ويخطط الفريق لتطبيق خوارزميات SLAM في النسخة القادمة، بحيث يتمكن الروبوت من رسم خريطة المنزل ذاتياً وتنظيفه بالكامل من دون بيانات مسبقة.

كمبوست ذكي يثبّت النيتروجين ويخفض تكاليف المزارعين

وسط هذه التقنيات، برز مشروع بيئي مختلف تمثل في كمبوست لتثبيت النيتروجين في التربة. فقد قام طالبان بتصنيع جسيمات نانوية من أكسيد الزنك والنحاس باستخدام مستخلص الخرشوف وقشور الشمام، لإنتاج كمبوست يغني التربة، ويحافظ على النيتروجين، ويُسرّع نمو النبات.

ويهدف المشروع إلى تطوير منتج طبيعي ومنخفض التكلفة قابل للاستخدام على نطاق واسع من قبل المزارعين. وأوضح الطالبان أن الخرشوف نبات زهيد الثمن لكنه غني بمضادات الأكسدة والمركبات الفينولية، ما يجعله مثالاً على تحويل مواد متاحة ورخيصة إلى حل زراعي فعّال.

نانوحفّاز مغناطيسي قابل لإعادة الاستخدام حتى تسع مرات

في ركن آخر، عرض طالب في الصف الحادي عشر نانوحفّازاً مغناطيسياً يمتلك إمكانات جدية للاستخدام في الصناعة وقطاع الأدوية. يعتمد الحفّاز على نواة من F₃O₄ مع غلاف من السيليكا، ويمكن إعادة استخدامه حتى تسع مرات من دون تراجع يُذكر في الجودة.

وتتمثل ميزته الرئيسة في سهولة فصله باستخدام مغناطيس بسيط. وأشار الطالب إلى أنه اضطر للتعاون مع جامعة وإرسال عينات إلى شركة دوائية لإجراء الاختبارات، في مسار عمل بحثي بمستوى جامعي نفذه طالب في المرحلة الثانوية.

حل دائم لمشكلة نسيان كلمات المرور: نظام مصادقة مبتكر

أحد أكثر المشاريع تميزاً كان نظام مصادقة رقمية يلغي الحاجة إلى كشف كلمة المرور أو تخزينها. اعتمد طالب في الصف العاشر في تصميمه على رياضيات معقدة وتقنيات تشفير متقدمة.

يمزج النظام بين حركات حصان الشطرنج والمنحنيات الإهليلجية (البيضاوية) وتقنية «إثبات انعدام المعرفة» (Zero‑Knowledge Proofs)، بحيث لا يحتفظ المستخدم ولا الخادم ولا الموقع بكلمة المرور الحقيقية في صورة مكشوفة. ووفقاً للطالب، حتى في حال اختراق الموقع بالكامل لن يجد المهاجم كلمة سر يسرقها، لأن بنية الأمان هنا تقوم على البرهان الرياضي لا على البيانات المخزنة.

مكنسة رباعية الوظائف من تصميم تلميذ في الصف الخامس

في زاوية أخرى، أثارت مكنسة كهربائية رباعية الوظائف من تصميم تلميذ في الصف الخامس اهتمام الحضور. يمكن للجهاز أن يعمل كمكنسة تقليدية، وأن يولد هواءً بارداً، وأن يؤدي وظيفة مضخة هواء، إضافة إلى توفير قوة شفط قابلة للضبط.

وعالج المصمم الصغير مشكلة أولية في ضعف الشفط من خلال تعديل بسيط لكنه ذكي في حجم فتحة خروج الهواء، كما أضاف غطاءً واقياً لفتحة السحب لتفادي الإصابات. وأوضح أن معلميه شجعوه على المشاركة بعد أن تجاوز مشروعه مرحلتين من التحكيم، وأنه جاء إلى «دانُوا» بهدف تحسين نموذجه.

نظام تبريد ذكي للألواح الشمسية لرفع كفاءة الطاقة

أما المشروع الختامي البارز في هذا اليوم فكان نظام تبريد ذكي للألواح الشمسية. قدّم طالب من الصف العاشر من محافظة آذربايجان الشرقية بحثاً يوضح كيف يؤدي ارتفاع درجة حرارة اللوح إلى انخفاض كفاءته.

ويجمع الحل بين وحدة ترموالكتريك ونظام تدوير للمياه لتخفيض درجة حرارة اللوح ورفع كفاءة إنتاج الطاقة. وأشار الطالب إلى أنه في حال تخزين الحرارة الملتقطة يمكن استخدامها في تدفئة المنازل، ما يتيح إنتاج الكهرباء والحرارة معاً من منظومة واحدة.

تظهر هذه المشاريع مجتمعة أن «دانُوا» ليست مجرد مسابقة، بل مختبراً وطنياً واسعاً لاكتشاف المواهب التي ستصنع مستقبل التكنولوجيا في إيران. فبعض المشاريع يحمل طابع البحث الجامعي، وبعضها روح الاختراع، وأخرى تعالج مشكلات واقعية مباشرة، لكن يجمعها جميعاً خيط واحد: شغف المراهقين بإحداث تغيير حقيقي.

وأثبتت دورة هذا العام أنه عندما تتوفر البيئة المناسبة، فإن الجيل الجديد لا يكتفي بطرح الأفكار، بل يمتلك القدرة على تنفيذها أيضاً. فمن البيوت الزجاجية الذكية إلى المكانس ذات السلاسل، ومن النانوحفّازات الصناعية إلى خوارزميات التشفير، تؤكد «دانُوا 2025» أن مستقبل التكنولوجيا في إيران يبدأ فعلياً من مقاعد الدراسة اليوم.